المشاركات الشائعة

الجمعة، 8 يونيو 2012

مركز الدراسات النوبية والتوثيق. الخرطوم ..... ملف اللغة النوبية ب


يحاول هذا القاموس: 
** طرح بعض الآراء حول مكوّنات الأفعال والاسماء والأحرف والأدوات، في اللّغة النوبية، من خلال دراسات تحليلية للغة الشفهية المتداولة باللهجة المحسية- فاديجا (م/ف)، وتقدّيم بعض النتائج المستخلصة، وما يسندها من مصادر داعمة، جُمعت في قاموس صغير.
** تأكيد أهميّة الأبجدية النوبية في التعبير الدقيق عن دلالات ومعاني الأسماء والأفعال والأدوات في اللغة النوبية، باعتماد الكتابة على نسق تجربة د. مختار خليل كبّاره، مركز الدراسات النوبية والتوثيق القاهرة – الخرطوم، باعتبار أن كتابة لغةٍ ما بأبجدية لغة أخرى، لا تخدم كثيراً في فكّ طلاسم لغة قديمة كاللغة النوبية، بخصائصها الحالية.
**  تقديم بعض المرئيات حول الأوزان في اللغة النوبية (م/ف)، واستخلاص مفردات نوبية شاردة، بفعل الموات الكتابي،
** إيراد كل حرف في النظام الأبجدي النوبي بالحركات الخمس المتداولة في اللغة النوبية، وهي: الفتحة، الفتحة المُمالة، الضّمّة، الضمّة المُمالة، والكسرة،
** محاولة اكتشاف التصنيف الجذري للأفعال والأسماء في اللغة، حيث أنّ العديد من الأفعال والأسماء ذات الجذر الواحد تأخذ أشكالاً  متباينة، لا علاقة لها بجذرها الأوّل، كما في:
 المثال الأوّل: (جذر أسّي essi)
** essi: أسّي: ماء،
 يُلاحظ أن الاشتقاقات أُخذت من صفات الماء:
(1)    السيولة، وطبيعة انزلاقها إلى أسفل بفعل الجاذبية، كما في الأمثلة التالية:
 ** essi  : أسّي: ماء، سائل
 ** essir : اسّر: يسيل، يتزحلق،(من السيولة)
 ** sirjessir-k  سِرج: ينزلق، ينزل، يتزحلق، من ( اسّرك
 ** esE اسي: قطرات الندى،
 ** eskalE) ، ess-okkir  اسكلي: ساقية، رافعة، من أصل (اسّ اوكِّر
 ** iskId):   essi-kId اسكيد: التربة، التراب، من ( أسّ-كيد
 ** sukk:سُوكّ: ينزل، يهبط، يسيل (كالماء)، ،
 ** sukke :O.N  : سوكي، النزول، إنزال الرّحل
(2)   الشفافية، كما في الأمثلة:   
** essir : أسّر: يشفّ، (من الشفافية) 
** essir: اسِّر: زجاج، شفّاف 
 المثال الثاني: جذر (fal فل) ويُلاحظ أنّ مشتقاتها تعبّر عن التحرّر والانفصال والابتعاد.
** fal: فل: يخرج،
** fal: فل: ينفصل،
** fal: فل: يتحرّر، يسلك
** fal: فل: يظهر، يبين،
** fal: فل: يطلع، يشرق، (الشمس)،
** falti: فلتي: خروج، حلّ،
** falId: فليد: بزوغ، طلوع،
** fallE: فلّي: خلاء، صحراء،
** fakk: فكّ: ينفجر، يفتّت، يتباعد 
** fakki: فكّي: فاصل، بين،

إن تقصي (النظام الجذري في اللغة النوبية)، يساعد كثيراً في فكّ طلاسم العديد من غوامض الإبداع اللغوي المحتشد في السياق الراهن، ويفتح الطريق واسعاً أمام استكشاف شوارد الكلِم ومعرفة العلائق القاعدية بين اللغات النوبية الأخرى ولهجاتها.
** هذا القاموس "المصغّر، الذي نضعه بين ايديكم، جهد مُقِلّ ينادي بتكاتف الجهود، من أهل الخبرة والتّخصّص، لاستكمال " قاموس نوبي شامل"، تحتاجه مناشط تدريس اللغة النوبية، بشكل أساسي.. لأنّ توفير مثل هذا القاموس الهام، يحتاج إلى دعم معنوي أكاديمي مهموم، إلى جانب دعم مادي مرجوّ، من جهات اختصاص، رسمية وشعبية، ويحتاج بقوة، لتواصل جهود مركز الدراسات النوبية والتوثيق، خاصّة، بعد انتقاله إلى الخرطوم، بمقرّه الجديد في الطابق الأولّ لمباني نادي" بوهين"، بجوار القسم الجنوبي، السّجانة. وكل الجهود الفردية والجماعية، التي تعمل بصمت، بانتظار تقديم ما عندهم، في الوقت المناسب، وأذكر بوجه خاص " نوبيي المهاجر"، ببلاد الخليج، أوربا، أمريكا، فهم كرأس الرّمح، لا يحتاجون لتوصية، كي يكملوا إنجازاتهم المقدّرة، في هذا المجال... ولا أنسى جمعية اللغة النوبية، بالخرطوم، وكل الجمعيات والروابط الطالبية، والاتحادات، التي ننتظر منها الكثير..
** لا بد من توفير مناخ صالح لإنشاء "معجم لغوي نوبي"، لتحمّل مسئولية التّحقيق في ضوابط اللّغة، لتواكب العصر.. 
** على هذه الأرضية، يمكن اختصار المعوقات الماثلة أمام الجهود القائمة لإحياء اللغة النوبية في الآتي:
1.     توافر دعم رسمي لخط الثقافة الإسلامو/عروبية بالبلاد، أدّى إلى إقصاء بقية الثقافات واللغات الأخرى. ( قرار وزير التربية بالولاية الشمالية بمنع تداول اللغة النوبية في المدارس)،
2.    هذه السياسات نجحت في تجهيل أغلب السودانيين بأهمية حضارتهم " النوبية" الإنسانية، وإضعاف وعيهم بالعلائق الوطيدة التي تربطهم تاريخيا وثقافيا بالشعوب الأخرى في أنحاء القطر المختلفة، ودورهم المتعاظم في تشكيل الثقافة السودانية.
3.   الموات الكتابي للغة النوبية منذ أكثر من ست قرون،
4.   الشتات النوبي المستعصي وتوهان بوصلة بعضهم، عن ضرورة الحفاظ على إرثهم التاريخي، بمسوّغات واهية.
الوضع الرّاهن للغة النوبية يستدعي:
1.     دعم الجهود المبذولة والقائمة في مركز الدراسات النوبية والتوثيق" الخرطوم" وتثمين تجربة الراحل د. مختار كبارة، واستكمال مشروع إحياء اللغة النوبية وتداوله كتابياً،
2.    قيام مجمع لغوي نوبي من المختصين، لإجراء البحوث والدراسات اللازمة لإحياء اللغة النوبية، على أسس علمية، وبإنشاء دار نشر نوبية تطّلع بدور توثيق ونشر وتفعيل الثقافة النوبية، وحفظها للأجيال.
3.   اكتساب " قوى دعم جديدة "، تساعد في قيام مؤسسات ثقافية فاعلة ومنابر سياسية جريئة، لممارسة حق البقاء للخصوصية الثقافية والتاريخية للنوبيين، ولإيقاف الحملات السالبة للثقافة الرسمية، والدفاع عن الموروث النوبي كثروة وطنية.
تنبيه:  يستحسن إدخال الفنط النوبي لقراءة المفردات النوبية الواردة أعلاه

 مكي علي إدريس               خليل عيسى خليل


مركز الدراسات النوبية والتوثيق. الخرطوم ..... ملف اللغة النوبية أ..

 
من أنشطة مركز الدراسات النوبية والتوثيق.. الخرطوم

ملف اللغة النوبية

لعله من الضروري هنا، تقديم تعريف شامل عن  مركز الدراسات النوبية والتوثيق، أهدافه، وسائله، ومجالات عمله، سوف تأتي بتفاصيله، في سياق طرحنا الراهن.. 
المجال هنا خصصناه لملف اللغة النوبية: 

وعرضا، نستعرض مقدمة مقترحة في صدر قاموس نوبي يقوم بإعداده الباحثان مكي علي إدريس، وخليل عيسى خليل

الله الرحمن الرحيم

مقـدّمـــة

تعبّر اللغة عن قيم وتقاليد وأعراف المجموعة الناطقة بها، وعن تفاصيل الحياة المادية والمعنوية لتلك المجموعة، وأهمّها المعتقدات، طقوسها العبادية، تجلياتها الروحية، ومخلفاتها المادية، لذا نجد أنّ أثر المعتقدات بليغ ومتجذّر في لغاتها المعبّرة عنها، لقيامها بمهمّة تقويم حياة الأفراد والجماعات، بتشريعاتها وقوانينها، التي تعتبر كمرجعيات راسخة لكل معتقد، (سماوي أو وضعي)، تبنى عليها قيم ومكارم أخلاقها، لضبط السلوك العام لأفرادها، وهذا يفسّر احتشاد اللغات المعنية بالمفردات والتعابير الشارحة لأدبيات معتقداتها السائدة، وانتشار قصص وأساطيرالخلق المتنوّعة بتنوّع الأجناس البيئات.
على أرضية محتشدة بالديانات الوضعية المرتبطة بالبيئة المحلّية، سادت عبادة الإله آمون رع، إله الشمس، في حضارات حوض النيل الأوسط، ومعظم الحضارات القديمة، وألقت بظلالها على ثقافاتها ومعتقداتها، وتطوّرت على أرضيتها الديانات السماوية، اليهودية، المسيحية، والإسلامية، وكان من البديهي أن تؤثر هذه الديانات والمعتقدات في مكوّنات وأدبيات اللغات النيلية الصحراوية، وتمثل اللغات النوبية في أواسط وشمال السودان، إحدى روافدها المرصودة.
 الحضارة النوبية " السودان القديم" حضارة سوداء، ويزعم المؤرخون أن اللغة النوبية حلت محل اللغة المروية، تدريجياً، بعد انهيار مملكة مروي على يد الأكسوميين، بقيادة عيزانا الحبشي، المتديّن بالمسيحية، وقد سادت اللغة النوبية في أواسط وشمال السودان، يقول بروس تريجر (... أما اللغة المرَّوية التى شغلت وادي النيل الأوسط فقد فعلت ذلك على ما يبدو لفترة معتبرة من الزمن. أما في أراضي السهول إلى الغرب، فقد كانت هناك كتلة كبيرة من المتحدثين باللغة النوبية في وقت مبكر من العصر المسيحي، شق بعض المتحدثين بأحد فروع اللغة النوبية طريقهم شمالاً إلى أرض النوبة الحديثة، بينما شق البعض الآخر طريقه شرقاً إلى منطقة الخرطوم حالّة النوبية محل المرَّوية. وبعد غزوات العرب اختفت النوبية من المنطقة الأخيرة وانتشرت العربية داخل أراضي السهول)، بروس تريجر، ترجمة فؤاد عكود
إن أحداً من المؤرخين، لم يحاول تقسيم النوبة إلى نيليين وصحراويين، كما عند بروس تايقر، ولم يقولوا شيئاً عن اللغة النوبية التي سادت في ضفاف وصحارى ممالك كوش في كرمة، ونبتا، ثم مروي، سادت اللغة النوبية في غرب السودان، جبال النوبة، التاكا، والحوض النيلي من شمال أسوان إلى جنوب السودان..ففيها ازدهرت حضارات السودان القديم، ممثلة في الممالك النوبية، عبر التاريخ.

اللغة النوبية المتداولة حالياً، في شمال السودان، تنقسم إلى لهجتين، الأولى هي اللهجة الدنقلاوية – الكنزية (د/ك)، وهي السائدة في محافظة دنقلا، ومنطقة الكنوز بغربي مدينة أسوان بمصر، والثانية لهجة المحس – فاديجا (م/ف)، والتي تمتد من مدينة كرمة وتشمل مناطق المحس، السّكوت، وادي حلفا وشرق مدينة أسوان بمصر، ومناطق تهجير النوبيين، بأرض البطانة (خشم القربة)، وقد تعدّدت الآراء حول أسباب بروز هذه اللهجات في الإقليم النوبي، على أرضية كثيرة الاهتزاز، تعاني من شُّح التدوين والرصّد، نتج عن غياب التداول الكتابي والتواصل الابداعي، لمصلحة اللغة العربية المدعومة بالعقيدة الإسلامية والسلطة السياسية.     
لعلّ احتشاد القارة الإفريقية بكَمّ وافر، من التباين الثقافي والإثني، وتعدّد المناخات، هو الذي أدّى إلى جعل الهجرات في إفريقيا، "صناعة مزدهرة"، لذا ظلّت لغاتها في حالات تشكّل دائمة، لا تستقر على نقاء أو قحّة، فاللغة ( أية لُغة)، لا تنشأ من فراغ، ولا تذهب بالضرورة إلى فراغ، لأنها كقيمة ثقافية بعيدة المدى تظلّ منذ نشأتها ( أو تفرُّعها وانسلاخها من لغة أخرى)، تمور بالحركة والتشكّل إلى مستوى العنفوان، ثم التراجع والسقوط أو الذوبان في جسم اللغة البديلة.
 الإقليم النوبي بشمال السودان، يعتبر منطقة تماس بين الحضن الإفريقي الزنجي والحضن الشمالي الأبيض، وجسراً هاماً للتواصل الحضاري بين إفريقيا والشرق الآسيوي من جهة، وحوض البحر المتوسط من جهة أخرى، ( وليام.ي.أدمز: النوبة رواق إفريقيا، الطبعة الثانية 2005م)، وعليه يمكن القول، بأن اللغات النوبية النيلية، إنّما نشأت في ظل هذا التشكّل المستمر، معبّرة عن المكوّنات الأصلية للبيئة الفيضية، وكل عناصر ثقافة التّماس، فقد تضافرت عوامل الموقع الجغرافي والتّماس الثقافي، الحضاري، لإكساب اللغة النوبية بشمال السودان، العديد من فرص التلاقح والتمازج بلغات الشرق الآسيوي ولغات الحضن الشمالي (حوض البحر المتوسط)، على أساس انتمائها الإفريقي، وتأثّرت أدبياتها بألوان التشريعات والقوانين والعبادات المختلفة، عبر العصور، من خلال التنافس المحتدم بين الأديان الوضعية والسماوية، والصراع حول السلطة.
        المشهد الرّاهن للغة النوبية، بلهجتيها (م/ف) و(د/ك)، في شمال السودان، ما هو إلاّ حلقة من تلك الحلقات المتأرجحة بين السطوع والخفوت، ثمّ الخضوع لشكيمة اللغة البديلة، أمّا هذه المرّة، فقد نجحت اللغة العربية، مستعينةً بالعامل الديني- السياسي، في فرض شكيمتها وتثبيت الثقافة العربية الإسلامية، في صراع محتدم بينها وبين اللغات والثقافات الإفريقية الأُخرى، ظلّت ترمي بظلالها على الحياة السودانية حتّى تأريخه، فأصبحت لغة رسميّة للدولة، بينما تقلّص دور اللغات الإفريقية المنافسة، إلى مستوى التنفّس فقط، في شئونها الخاصة، داخل إطار الوطن السوداني الجامع.
عبّرت اللغات النوبية عن حضارات عظيمة سادت في شمال وأواسط السودان القديم، ولحقب زمنية طويلة، فاصبح الاهتمام بعظمة الحضارة النوبية، مقروناً بالاهتمام الموازي باللغات النوبية، وما جمعيات الدراسات النوبية داخلياً وخارجياً، إلاّ وجه واحد من عدة وجوه للحفاظ على التراث النوبي الإنساني.
مركز الدراسات النوبية والتوثيق
في منتصف القرن الماضي، برزت وبشكل فاضح، مهدّدات، استهدفت الثقافات الإفريقية بالسودان، بعد أن تبنّت الدّولة السودانية، نهجاً إقصائياً للثقافات الغير عروبو-إسلامية، وأدّى ذلك إلى بروز أشكال متباينة من الهرولة وراء الهويات الإثنية الثقافية، خشية ذوبانها أو اندثارها، ولمّا كانت الثقافات النوبية ولغاتها، مهدّدة بدورها في الصراع المحتدم، إضف إلى ذلك، حملات استهداف مقنّنة للأرض والإنسان النوبي، أبرزها حرمان الإقليم من التنمية، منذ الاستقلال، واغتيال مدينة وإقليم وادي حلفا (1964م)، بقيام السّد العالي، ثمّ تنفيذ سدّ مروي ، والشروع في إقامة السُّدود الجديدة في (كجبار، دال)، بمسوّغات لا ترقى، وفي ظل وجود بدائل منطقية، أثبتتها الدراسات المتخصصة،
 نشطت حملات إنقاذ الآثار النوبية المهدّدة،  بواسطة ( أفراد، جمعيات، مراكز، وجامعات وطنية وعالمية)، أشهرها تصدّي هيئة اليونسكو لإنقاذ آثار النوبة قبيل قيام السد العالي 63-1964م، كما نهضت مساعي جادة لإنقاذ التراث النوبي ( بيئته وإنسانه)، من قبل أفراد وجماعات نوبية مهمومة في مصر والسودان، منذ منتصف القرن الماضي، تمّ تتويجها بالمبادرة، غير المسبوقة، لمركز الدراسات النوبية والتوثيق،عام ؟؟1900، الذي جعل تداول الكتابة والقراءة بالأبجدية النوبية أمراً ممكناً وواقعاً ملموساً، وبفضل جهود مركز الدراسات النوبية والتوثيق في (القاهرة- الخرطوم)، وحماس النوبيين في السودان ومصر، بات في مقدور النوبيين (الآن) تداول لغتهم كتابياً، بعد ستة قرون من الموات الكتابي الصّارم.
كل روّاد مشاريع الحفاظ على التراث النوبي، مع احترامنا الكامل لهم، اعتمدوا على الجهود والإمكانات الذاتية، وهم يعيشون في جزر منفصلة لا تسمح بتأكيد شيء من التضافر في عمل يستحق النشاط المؤسسي المدعوم مادياً ومعنوياً، باستثناء تجربة مركز الدراسات النوبية والتوثيق في القاهرة – الخرطوم، الذي قام " أيضا" على أكتاف رعيل نوبي مبادر ينطح الصخر في سبيل توعية الشارع النوبي لدعم المركز الجاد الأوحد.

  حول كتاب (اورثوقرافيا اللغة النوبية)
 النظام الكتابي، مطبقاً على لغة نوبين، باتخاذ كتاب المطالعة لمتولي بدر، كحالة دراسية. محمد جلال أحمد هاشم، ترجمة محمد جلال أحمد هاشم – حسين مختار كبّارة). هذا الكتاب، أصدره مركز الدراسات النوبية والتوثيق، (التاريخ 2008م؟)، لمؤلفه د. محمد جلال أحمد هاشم، باللغة الإنجليزية، وقام المؤلف بترجمته إلى العربية، مع الأستاذ حسين مختار كبّارة. الكتاب من الحجم المتوسط، (حوالي 160 صفحة)، ويجمع الترجمة الإنجليزية والعربية معاً، ومن أهمّ العناوين:
·         قصة كتابة اللغة النوبية، خلفية تاريخية
·        الأورثوقرافيا أو أنظمة الكتابة
·        الصرفصوتيمية مقابل الصوتيمية في نقاربة الأورثوقرافيا
·        مراجعة تجربة استخدام اورثوقرافيا النوبية القديمة لكتابة لغة النوبين
·         تقييم التعديلات الأورثوقرافية، في كتاب اللغة النوبية، كيف نكتبها nobIn-ga sikkir fAywa،
·         نحو اورثوقرافيا نوبيّة
·        الكاثاريفوسا أو الكَتربوسا katrabusa : المستوى العالي للغة نوبين
·         كتاب "المطالعة" أو مبادئ القراءة لمحمد متولّي بدر
·         النظام الصوتي للصوامت القديمة معدّلاً للغة نوبين
·         الأبجدية
·        الحروف الساكنة المضاعفة والإدغامات
·        الكتربوسا والإشكالات النحوية
·         التوليد الدّلالي والتركيبي
لا شكّ في أن المرئيات المطروحة في هذا الكتاب، محلّ تقدير الجميع، كونها تمثّل دفعاً جديدا، يتّسم بالجرأة، نحو استكمال مشروع تداول اللغة النوبية كتابياً، عبر استصحاب الجانب الأكاديمي والاستفادة من الكمّ المتوافر من البحوث والدراسات  المنجزة من قبل مختصين في اللغات النوبية، والفلكلور النوبي، ولا تعليق لدينا غير الاتفاق مع الكاتب حول ما أورده في خاتمة الكتاب :
"...الكتربوسا النوبية، ليست سوى مشروع في طفولته، حيث لم تتّضح إلاّ معالمه الرئيسية، ولذا لا بد من إجراء المزيد من التمارين الاختبارية، ومن ثمّ مناقشتها وتقويمها، وتكون المنتديات العلمية والسمنارات وورش العمل ضرورية لتحقيق نتائج مثمرة، فالمحاولات التي صدع بها الرّعيل الأوّل من المعلّمين والأكاديميين النوبيين،  في سبيل تطوير اورثوقرافيا معتبرة للّغات النوبية قد قُمنا ببحثها هنا، بطريقة ناقدة ومتعاطفة في آن واحد، وفي رأينا أنه من المهم أن تزداد معرفة النوبيين، وبطريقة أعمّ، باللغة النوبية القديمة، وذلك في سبيل تحقيق المزيد من التطوير والتقدّم للكتربوسا النوبية. وممّا يُنصح به أن يتم تجريب الفرضيات الأساسية للكتربوسا في اللغات النوبية الشقيقة الأخرى بجبال النوبة ودارفور،.... وينبغي للشكل النهائي لأورثوقرافيا النوبية أن يُخطّط ويُنفّذ عبر التواصل مع المجتمعات التي تتحدّث باللغة النوبية...." انتهى.
هذا المنظور الذي يتبنّاه الكتاب، يعبّر حقيقةً، عن وجهة نظرنا، مع بعض التحفظات التي، بلا شكّ، ستجد الوقت الكافي لمناقشتها لاحقاً.
إنّ مشروع القاموس النوبي ( م/ف)، الذي نقدّمه هنا، اعتماداً على دراسات خاصة في لغة نوبين (م/ف)، يرفد المساعي الجارية، (الآن)، لإجراء دراسات متعمّقة في أحشاء اللغة الشفهية، واستخلاص شواردها بتنقية أصول الأسماء والأفعال، وابتداع الوسائل الممكنة لتطوير أدائها، ووضع ثوابت مقبولة ومنطقية، تفيد مشوار التداول الكتابي الجّاد، مع استصحاب النشاط النقدي البنّاء، والجُرأة المطلوبة في طرح الآراء، ومدّ جسور التقصّي نحو اللغات النوبية الرّصيفة، بأنحاء السودان المختلفة، لاستكشاف العلائق المفيدة في إبقاء ونشر اللغة النوبية النيلية.

الخميس، 7 يونيو 2012

الأزياء السودانية .. الجرجار في شمال السودان


الجرجار ليس زيا نوبيا أصيلا
Mekki Ali Idris
انقل لكم وللقراء المقالة التي نشرتها بمجلة الفيصل قبل سنوات، حول زي  الجرجار، وقد تم نشرها في منتديات أبوسمبل ... ودار هناك حوار شرس بيني وبين النوبة المصريين.... وها أنذا انشرها هنا لمزيد من النقاش المفيد....
**
الأخ عبد القادر: عندما ذكرت ان الجرجار ظهر بعد دخول عبد الله بن ابي السرح، قصدت أنه زي عربي أصيل... وليس تحديدا لتأريخ معين.....
كامل الاحترام لكافة الآراء القائلة باصالة الزي المسمّى "الجرجار"، والذي ازدهر في المنطقة النوبية، بشكل عام، والمنطقة الواقعة بين وادي حلفا وأسوان، بصفة خاصة
الجرجار.. ليس زيا نوبيا
قال لورد باكون:
ليس ما يجعل الناس أصحاء أقوياء هو ما يأكلون،
وليس ما يجعلهم أغنياء هو ما يربحون وإنما ما يدّخرون
وليس ما يجعلهم علماء هو ما يقرءون وإنما ما يتذكرون ويستوعبون ،
وليس ما يجعلهم أفاضل أو أتقياء ما يتشدقون به ويتظاهرون وإنما ما يعملون (انتهى).

يجد المتتبّع لتاريخ - منطقة وادي حلفا – بشمال السودان في القرون القريبة رواج الثقافة العربية – الإسلامية وتأثيرها الواضح في أجناس الفلكلور النوبي بصفة عامة، وخاصة بعد قيام مملكة الكنز الإسلامية في الجزء الشمالي لمملكة المقرة المسيحية عاصمتها (المحدثة) قرب أسوان، والتي عاصرت الحقبة الفاطمية بمصر، وقد انعكست آثار الثقافة العربية الإسلامية في تفاصيل حياة إنسان تلك المنطقة بدءاً بطقوس وشعائر الدين الإسلامي وانتهاءً بالممارسات الغنائية والعادات والتقاليد وأنماط السلوك والأزياء الشعبية. وأهتم هنا، بتناول الزي النسائي النوبي المعروف باسم الجرجار، وكان شائعاً في العقود الماضية قبل تهجير نوبة السودان ومصر بقيام السد العالي في أقصى الشمال السوداني وجنوب مصر، ويحظى باهتمام النوبيين كزي شعبي أصيل يأخذ مكانه وبقوة في العروض والمناسبات ذات العلاقة بالتاريخ والتراث.
لابد هنا، من الإشارة إلى ظهور المجتمعات العشائرية في فجر التاريخ وابتداع الدولة وسن القوانين لحماية حق
الإنسان في الحياة، وبروز المكتشفات التاريخية لتطويع الطبيعة وترويضها لمصلحة الكائن الذكي الذي نجح في ترويض النار وامتهان الزراعة وتأليف الحيوان...الخ، ومن ثم تلوين حياته وتمييزها عن الكائنات الأخرى بالعادات الذكية والتقاليد والمعتقدات المكتسبة، والتي بدورها أخذت في التمايز والتباين بفعل اختلاف البيئات وتباينات المناخ، والمتأمل لمكونات الزي وأشكاله في أية بقعة في العالم يجدها متوائمة مع البيئات التي أفرزتها ومتأثرة بعوامل الحرارة والبرودة، الجزع والأمن، وقيمها المبنية على (عادات وتقاليد ومعتقدات) والحالة الاقتصادية للشعوب.
الأزياء الشعبية السودانية تشكّلت من كم تراكمي من الثقافات التي وضعت بصماتها في أشكالها وألوانها، وليس دقيقا وصف الجلباب وغطاء الرأس (العمامة) بأنه زيّ سوداني أصيل، فالجلباب والعمامة نجدها في أجزاء كثيرة من العالم ومن الصعب التفريق بين أغطية الرأس السودانية والعمامة التي يعتمرها الرجال في أفغانستان ورجال البادية السعودية وفجاج الشام والشمال الإفريقي.
بيد إن وصف الجرجار كزي نوبي أصيل، لا يستند إلى دليل، فهو زي عربي – شرقي الانتماء، إنه ذات الحجاب الإسلامي ونجده في بوادي وأرياف السعودية واليمن وعمان وأرياف الشام وريف مصر، وشمال السودان كأثر مرصود للهجرات الشرقية، قبل وبعد الإسلام، الذي انتشر في المنطقة الشمالية من الإقليم النوبي، كزي نسائي، كما انتشر في المناطق التي غلبت الثقافة العربية فيها بالمسوغ الديني.
إن واقع الحال يسند زعمنا بأن الزي النوبي القديم لم يكن يختلف كثيراً عن الزي الفرعوني المعروف، وذلك
لتشابه المناخ والثقافة والبيئة، وهذا ينسحب على أزياء سكان العمق الإفريقي بجهاته الشرقية والغربية والجنوبية، فالمدقق يلحظ مدى التشابه إلى حد التطابق بين أزياء نساء النوبة (الآن) وأزياء سكان موريتانيا ودول القرن الإفريقي(الصومال- إثيوبيا- إريتريا) وفي أواسط السودان حيث سادت الممالك النوبية المسيحية.
ولما كان الجرجار بأنواعه يتكون من ثلاثة قطع أو أكثر، ويتميز باللون الأسود الكالح، فإن أهم أسباب انقراضه في المنطقة النوبية أنه لم يكن يتناسب مع الأجواء الحارة التي يتسم بها الإقليم، إضافة إلى أنه لم يكن يتناسب مع طبيعة المرأة النوبية الكادحة في حقول الزراعة، والتي توازي مساهمتها في صنع الحياة دور الرجل، إن لم تتجاوزه
نقول بهذا، رغم علمنا بأن تاريخ الأزياء في بلادنا عريق ومتشابك حد التعقيد، وينهض في مجمله ملونا بشكيمة الثقافات الإفريقية وإفرازات التلاقحات الإثنية والثقافية والتاريخية. ويظل دافعنا في توضيح هذا اللبس هو تقصي الدقة في التعبير عن أجناس التراث السوداني، وعدم الخلط بين ما هو مكتسب وما هو أصيل.
وخلاصة ما يمكن قوله حول الجرجار، إنه مجرد موضة أخذت مساحة من الانتشار في مرحلة تاريخية معينة ثم انقرضت لعوامل مرتبطة بالبيئة والعادات والتقاليد. الزي الإسلامي انتشر في مراحل تاريخية معينة، في الممالك الإسلامية التي نشأت في أواسط وغرب السودان مثل سلطنة الفور ومملكة الفونج والدولة المهدية وسلطة الإنقاذ الحالية، ولما كان للمكونات البيئية القول الفصل في استمرارية الموضة كقيمة ثقافية قصيرة المدى، فإن الزي النوبي النسائي قد أخذ أشكالا عدة، عبر تاريخه الذاهب في القدم، منها الزي الشرقي- الإسلامي
لا أفهم المغزى التاريخي والدلالي الذي يرمي إليه النوبيون وهم يبتسرون تاريخهم بوضع نماذج شائخة مثل المشلعيب وأبراش الخوص وسعف النخل ونماذج مصغرة من المراكب الشراعية والسواقي ومعثورات قديمة من أزياء الجرجار..الخ، في صالات المعارض التراثية.
فإذا صحّ حدسي ووضعت بعض االتسويغات لوجود نماذج من الكتابة الحرف النوبي القديم أو كتب ثقافية تتناول التاريخ النوبي من زوايا جديدة، أو شيء من المعثورات التي تؤكد سبق النوبيين فيها، فإن أي تسويغات أخرى تصبح قاصرة في الدفاع عن سواقي وأبراش ومراكب لا تمثل أي سبق نوبي مميز، يستحق العرض بتلك الصورة المتكررة،
كما يقفز إلى ذهني خواء الفكرة التي تجعلهم يتمسكون بعرض زي نوبي حديث نسبيا و(منقرض) على أرض الواقع، دون وضع اعتبار لأهمية دراسة أزياءهم الحالية والتي تتطابق مع أزيائهم عبر آلاف السنين..
تمنيت لو تكرم الباحثون في الأزياء النوبية (البروفيسور مصطفى عبده) مثالاً، بتوضيح هذا الجانب الفلكلوري الهام، والحديث عن الأزياء النوبية تاريخيا للفائدة العامة.

منقول من الفيس بوك موقع الاستاذ مكى على ادريس
http://www.facebook.com/profile.php?...20234754722545
reputation