الجرجار ليس زيا نوبيا أصيلا
Mekki Ali Idris
Mekki Ali Idris
انقل لكم وللقراء المقالة التي نشرتها بمجلة الفيصل قبل سنوات، حول زي الجرجار، وقد تم نشرها في منتديات أبوسمبل ... ودار هناك حوار شرس بيني وبين النوبة المصريين.... وها أنذا انشرها هنا لمزيد من النقاش المفيد....
** الأخ عبد القادر: عندما ذكرت ان الجرجار ظهر بعد دخول عبد الله بن ابي السرح، قصدت أنه زي عربي أصيل... وليس تحديدا لتأريخ معين.....
كامل الاحترام لكافة الآراء القائلة باصالة الزي المسمّى "الجرجار"، والذي ازدهر في المنطقة النوبية، بشكل عام، والمنطقة الواقعة بين وادي حلفا وأسوان، بصفة خاصة
** الأخ عبد القادر: عندما ذكرت ان الجرجار ظهر بعد دخول عبد الله بن ابي السرح، قصدت أنه زي عربي أصيل... وليس تحديدا لتأريخ معين.....
كامل الاحترام لكافة الآراء القائلة باصالة الزي المسمّى "الجرجار"، والذي ازدهر في المنطقة النوبية، بشكل عام، والمنطقة الواقعة بين وادي حلفا وأسوان، بصفة خاصة
الجرجار.. ليس زيا نوبيا
قال لورد باكون:
ليس ما يجعل الناس أصحاء أقوياء هو ما يأكلون،
وليس ما يجعلهم أغنياء هو ما يربحون وإنما ما يدّخرون
وليس ما يجعلهم علماء هو ما يقرءون وإنما ما يتذكرون ويستوعبون ،
وليس ما يجعلهم أفاضل أو أتقياء ما يتشدقون به ويتظاهرون وإنما ما يعملون (انتهى).
يجد المتتبّع لتاريخ - منطقة وادي حلفا – بشمال السودان في القرون القريبة رواج الثقافة العربية – الإسلامية وتأثيرها الواضح في أجناس الفلكلور النوبي بصفة عامة، وخاصة بعد قيام مملكة الكنز الإسلامية في الجزء الشمالي لمملكة المقرة المسيحية عاصمتها (المحدثة) قرب أسوان، والتي عاصرت الحقبة الفاطمية بمصر، وقد انعكست آثار الثقافة العربية الإسلامية في تفاصيل حياة إنسان تلك المنطقة بدءاً بطقوس وشعائر الدين الإسلامي وانتهاءً بالممارسات الغنائية والعادات والتقاليد وأنماط السلوك والأزياء الشعبية. وأهتم هنا، بتناول الزي النسائي النوبي المعروف باسم الجرجار، وكان شائعاً في العقود الماضية قبل تهجير نوبة السودان ومصر بقيام السد العالي في أقصى الشمال السوداني وجنوب مصر، ويحظى باهتمام النوبيين كزي شعبي أصيل يأخذ مكانه وبقوة في العروض والمناسبات ذات العلاقة بالتاريخ والتراث.
لابد هنا، من الإشارة إلى ظهور المجتمعات العشائرية في فجر التاريخ وابتداع الدولة وسن القوانين لحماية حق
الإنسان في الحياة، وبروز المكتشفات التاريخية لتطويع الطبيعة وترويضها لمصلحة الكائن الذكي الذي نجح في ترويض النار وامتهان الزراعة وتأليف الحيوان...الخ، ومن ثم تلوين حياته وتمييزها عن الكائنات الأخرى بالعادات الذكية والتقاليد والمعتقدات المكتسبة، والتي بدورها أخذت في التمايز والتباين بفعل اختلاف البيئات وتباينات المناخ، والمتأمل لمكونات الزي وأشكاله في أية بقعة في العالم يجدها متوائمة مع البيئات التي أفرزتها ومتأثرة بعوامل الحرارة والبرودة، الجزع والأمن، وقيمها المبنية على (عادات وتقاليد ومعتقدات) والحالة الاقتصادية للشعوب.
الإنسان في الحياة، وبروز المكتشفات التاريخية لتطويع الطبيعة وترويضها لمصلحة الكائن الذكي الذي نجح في ترويض النار وامتهان الزراعة وتأليف الحيوان...الخ، ومن ثم تلوين حياته وتمييزها عن الكائنات الأخرى بالعادات الذكية والتقاليد والمعتقدات المكتسبة، والتي بدورها أخذت في التمايز والتباين بفعل اختلاف البيئات وتباينات المناخ، والمتأمل لمكونات الزي وأشكاله في أية بقعة في العالم يجدها متوائمة مع البيئات التي أفرزتها ومتأثرة بعوامل الحرارة والبرودة، الجزع والأمن، وقيمها المبنية على (عادات وتقاليد ومعتقدات) والحالة الاقتصادية للشعوب.
الأزياء الشعبية السودانية تشكّلت من كم تراكمي من الثقافات التي وضعت بصماتها في أشكالها وألوانها، وليس دقيقا وصف الجلباب وغطاء الرأس (العمامة) بأنه زيّ سوداني أصيل، فالجلباب والعمامة نجدها في أجزاء كثيرة من العالم ومن الصعب التفريق بين أغطية الرأس السودانية والعمامة التي يعتمرها الرجال في أفغانستان ورجال البادية السعودية وفجاج الشام والشمال الإفريقي.
بيد إن وصف الجرجار كزي نوبي أصيل، لا يستند إلى دليل، فهو زي عربي – شرقي الانتماء، إنه ذات الحجاب الإسلامي ونجده في بوادي وأرياف السعودية واليمن وعمان وأرياف الشام وريف مصر، وشمال السودان كأثر مرصود للهجرات الشرقية، قبل وبعد الإسلام، الذي انتشر في المنطقة الشمالية من الإقليم النوبي، كزي نسائي، كما انتشر في المناطق التي غلبت الثقافة العربية فيها بالمسوغ الديني.
إن واقع الحال يسند زعمنا بأن الزي النوبي القديم لم يكن يختلف كثيراً عن الزي الفرعوني المعروف، وذلك
لتشابه المناخ والثقافة والبيئة، وهذا ينسحب على أزياء سكان العمق الإفريقي بجهاته الشرقية والغربية والجنوبية، فالمدقق يلحظ مدى التشابه إلى حد التطابق بين أزياء نساء النوبة (الآن) وأزياء سكان موريتانيا ودول القرن الإفريقي(الصومال- إثيوبيا- إريتريا) وفي أواسط السودان حيث سادت الممالك النوبية المسيحية.
لتشابه المناخ والثقافة والبيئة، وهذا ينسحب على أزياء سكان العمق الإفريقي بجهاته الشرقية والغربية والجنوبية، فالمدقق يلحظ مدى التشابه إلى حد التطابق بين أزياء نساء النوبة (الآن) وأزياء سكان موريتانيا ودول القرن الإفريقي(الصومال- إثيوبيا- إريتريا) وفي أواسط السودان حيث سادت الممالك النوبية المسيحية.
ولما كان الجرجار بأنواعه يتكون من ثلاثة قطع أو أكثر، ويتميز باللون الأسود الكالح، فإن أهم أسباب انقراضه في المنطقة النوبية أنه لم يكن يتناسب مع الأجواء الحارة التي يتسم بها الإقليم، إضافة إلى أنه لم يكن يتناسب مع طبيعة المرأة النوبية الكادحة في حقول الزراعة، والتي توازي مساهمتها في صنع الحياة دور الرجل، إن لم تتجاوزه
نقول بهذا، رغم علمنا بأن تاريخ الأزياء في بلادنا عريق ومتشابك حد التعقيد، وينهض في مجمله ملونا بشكيمة الثقافات الإفريقية وإفرازات التلاقحات الإثنية والثقافية والتاريخية. ويظل دافعنا في توضيح هذا اللبس هو تقصي الدقة في التعبير عن أجناس التراث السوداني، وعدم الخلط بين ما هو مكتسب وما هو أصيل.
وخلاصة ما يمكن قوله حول الجرجار، إنه مجرد موضة أخذت مساحة من الانتشار في مرحلة تاريخية معينة ثم انقرضت لعوامل مرتبطة بالبيئة والعادات والتقاليد. الزي الإسلامي انتشر في مراحل تاريخية معينة، في الممالك الإسلامية التي نشأت في أواسط وغرب السودان مثل سلطنة الفور ومملكة الفونج والدولة المهدية وسلطة الإنقاذ الحالية، ولما كان للمكونات البيئية القول الفصل في استمرارية الموضة كقيمة ثقافية قصيرة المدى، فإن الزي النوبي النسائي قد أخذ أشكالا عدة، عبر تاريخه الذاهب في القدم، منها الزي الشرقي- الإسلامي
لا أفهم المغزى التاريخي والدلالي الذي يرمي إليه النوبيون وهم يبتسرون تاريخهم بوضع نماذج شائخة مثل المشلعيب وأبراش الخوص وسعف النخل ونماذج مصغرة من المراكب الشراعية والسواقي ومعثورات قديمة من أزياء الجرجار..الخ، في صالات المعارض التراثية.
فإذا صحّ حدسي ووضعت بعض االتسويغات لوجود نماذج من الكتابة الحرف النوبي القديم أو كتب ثقافية تتناول التاريخ النوبي من زوايا جديدة، أو شيء من المعثورات التي تؤكد سبق النوبيين فيها، فإن أي تسويغات أخرى تصبح قاصرة في الدفاع عن سواقي وأبراش ومراكب لا تمثل أي سبق نوبي مميز، يستحق العرض بتلك الصورة المتكررة،
كما يقفز إلى ذهني خواء الفكرة التي تجعلهم يتمسكون بعرض زي نوبي حديث نسبيا و(منقرض) على أرض الواقع، دون وضع اعتبار لأهمية دراسة أزياءهم الحالية والتي تتطابق مع أزيائهم عبر آلاف السنين..
تمنيت لو تكرم الباحثون في الأزياء النوبية (البروفيسور مصطفى عبده) مثالاً، بتوضيح هذا الجانب الفلكلوري الهام، والحديث عن الأزياء النوبية تاريخيا للفائدة العامة.
منقول من الفيس بوك موقع الاستاذ مكى على ادريس
http://www.facebook.com/profile.php?...20234754722545
الاستاذ مكي مع خالص الود
ردحذفتناقشنا كثيرا حول هذا الطرح وفي موقع ابو سمبل كنت من اكثر الذين تحاورا معك حول هذه الجدلية . ظني انك وددت ان تقول بطريقة غير مباشرة ان الرافضين لقولك هم النوبيين المصريين وحدهم .
لا ياعزيزي كنت وما زلت رافضا لمقولة انه ليس بزي نوبي . وسقت لك من الادلة الرافضة الكثير وفي اكثر من موضع
محمد سليمان احمد - ولياب